الحقوق والالتزامات الاجتماعيّة – ملفّات وبحوث متنوّعة في مادة التربية الإسلاميّة
الحقوق والالتزامات الاجتماعيّة – ملفّات وبحوث متنوّعة في مادة التربية الإسلاميّة

التربية الإسلاميّة الحقوق والالتزامات الاجتماعيّة
ب- حقوق مترتّبة على خصوصيّة معيّنة.
1) الحقوق المنبثقة عن أصل عام :
إنّ هناك حقوقا مطالب بها المسلم بوصف الإسلام، ملزم بأدائها كلّ فرد من أفراد الأمّة الإسلاميّة في سائر أحواله وأوضاعه من غير توقّف على اختياره الشخصي ولا التزامه الإرادي.
وترجع هذه الحقوق إلى أصل جامع تخيّره الشارع الحكيم لإقامتها عليه وربطها به وهذا الأصل هو “الأخوّة” التي قضى الشارع أن تقوم الرابطة بين المسلمين عليها وجاءت النصوص التشريعيّة صريحة بها وهي “أخوّة الإيمان” قال تعالى :
“إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا” وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، “بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ”.
وحمى الشارع هذه الآصرة الروحيّة من عوامل التداعي والوهن كما أحاطها بأسباب التجدّد والقوّة التي يتألّف من مجموعها حقوق المسلم الاجتماعيّة على أخيه باعتباره أخوّة الإيمان قاسما مشتركا بين كافة عناصر المجتمع الإسلامي.
أ- فكان لحمايتها ما نهى الله ورسوله عنه من الأعمال المفرّقة والصفات المنفّرة من ذلك قوله تعالى :
فالسخرية واللمز والتنابز بالألقاب البذيئة وسوء الظنّ والتجسّس والاغتياب والظلم والخذلان والاحتقار والاعتداء على ذات المسلم أو ماله أو عرضه وإذايته بقول أو فعل إو إشارة، جميعها ممّا نهى الشارع عنه لأنّها تتناقض وحقوق الأخوّة فضلا عن معاكسة ما ينبغي اتباعه لتعزيزها وخدمة مقصدها الأسمى.
ب- وممّا أحاط به الشارع آصرة الأخوّة من أسباب التجدّد والقوّة أمره بالتعاون والتضامن والتآزر وتزكية المحبّة والودّ. من ذلك قوله تعالى :
“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”.
وقوله عليه الصلاة والسلام :
2) الحقوق المترتّبة على خصوصيّة معيّنة :
إنّ من الحقوق التي تعمر بها ذمّة المسلم حقوقا أخرى غير تلك التي تنبثق عن أصل الإيمان وهي الحقوق المرتّبة على خصوصيّة معيّنة، وهذا النوع يتفرّع بدوره إلى فرعين:
أ) حقوق مترتّبة على خصوصيّة ملازمة.
ب) حقوق مرتّبة على خصوصيّة غير ملازمة.
أ- الحقوق المرتّبة على خصوصيّة ملازمة :
الحقوق المرتّبة على خصوصيّة معيّنة ملازمة غير قابلة للانفكاك وخارجة عن الاكتساب الشخصي والتحصيل الإرادي هي تلك المتولّدة عن قرابة ثابتة بنسب أو رحم كعلاقة الأبوّة والأمومة والبنوّة والخؤولة والأخوّة والعمومة وما إليها.
قال تعالى :
“وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى…”.
وقال عزّ وجل :
“…وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ…”.
الحقوق المترتبّة على خصوصيّة غير ملازمة وقابلة للانفكاك يمكن حصرها في ثلاثة أنواع :
1- الحقوق المرتّبة عن علاقة أدبيّة.
2- الحقوق المتولّدة عن علاقة ظرفيّة.
3- الحقوق المتولّدة عن معاملة نفعيّة.
1- الحقوق المتولّدة عن علاقة أدبيّة :
“خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ”.
وقال :
“إِنّ مِنْ أَبَرِّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْد أَنْ يُولِّي”.
2- الحقوق المتولّدة عن علاقة ظرفيّة :
“مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ”.
3- الحقوق المتولّدة عن معاملة نفعيّة :
فإذا نشأ التزام متولّد عن تعاقد صحيح ومعاملة نفعيّة مشروعة وجب على كلا الطرفين الوفاء به ديانة وقضاء حتى يكون كلّ منهما وفيّا بعهده صادقا في وعده غير ملحق الضرر بغيره، فإن خالف أحدهما ما التزم به بدون حق أثم وعلى المتضرر أن يلتجئ إلى من له ولاية الإجبار حتى يأخذ له حقه وذلك لا يرفع عن المتلدد والمماطل الأثم.
فإن لم يكن الالتزام ناشئا عن معاملة متبادلة وتعاقد بعوض بل كان تطوّعا محضا كالصدقة والهبة فالتخلي عنه بعد التعهد تخاذل وانتكاس لا يستقيم مع الأخلاق الكريمة.
وقُيّد الالتزام بكونه صحيحا ومشروعا لأنّه إذا كان فاقدا لإحدى شرائطه كالرضا أو كان ممنوعا كالتعاقد على أمر محرّم فهو في الحالة الأولى قابل للفسخ وفي الحالة الثانية باطل من أساسه ويجب الامتناع عن تنفيذه بل التوبة عن التفكير في الإقدام على مثله ممّا يخالف الشرع ولا يلتئم مع الحقوق المنبثقة عن الأصل الجامع وهو الأخوّة الإسلاميّة التي من مبادئها التزام العدل مع القريب والبعيد والصديق والعدوّ والمسلم وغير المسلم. قال تعالى :
“…وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى…”.
التشريع الإسلامي حريص على رعاية مبدأ الأخوّة حماية لها من عوامل التداعي والوهن كالأعمال المفرقّة والصفات المنفّرة. وتعزيزا لها بتوخّي أسباب التعاون بما يزكي مشاعر الودّ والمحبّة.
* حقّ المسلم على المسلم نوعان:
أ) حقّ ينبثق على أصل جامع هو أخوّة الإيمان.
ب) حقّ ناشئ عن خصوصيّة معيّنة.
* الخصوصيّة التي ينشأ عنها حقّ المسلم على المسلم نوعان :
1- خصوصيّة ملازمة كالقرابة.
2- خصوصيّة غير ملازمة لأنهّا قابلة للانفكاك وهي :
أ- المتولّدة عن علاقة أدبيّة كالصداقة.
Comments are closed.