الإجراءات المتبعة بعد المعاينة في القانون الجزائري

مواضيع عامة

الإجراءات المتبعة بعد المعاينة في القانون الجزائري

الإجراءات المتبعة بعد المعاينة:

أ‌-   محضر المعاينة :  : تثبت المعاينة بموجب محضر يحرره المحقق و يبين في مستهله تاريخ و مكان تنظيمه و يجب أن يصاغ المحضر بوضوح كلي، و انه يتضمن جميع المشاهدات و المعلومات، و أن يتدرج في تدوين المشاهدات من الخارج على الداخل مسندا توضيح المواقع إلى الجهات الأربع الأصلية.

الشهـــادة و الشهــــود:

يعد من الأولويات التي يجب على ضابط الشرطة القضائية فور اكتشاف الجرم و يكمنه القيام بذلك شخصيا، أو أن يعهد به إلى معاونيه ابتغاء للسرعة إذ أن الشاهد يكون انذاك تحت تأثير الانفعال من الجرم و السخط على الجرم أكثر قابلية للادلاء عفويا بما لديه من معلومات، ثم ما يلبث أن يحجم عن الكلام عندما يطول الوقت الفاصل بين وقوع الجرم أو علمه به و استماع شهادته من قبل المحقق، حيث يبدأ باكتشاف المحاذير التي قد تنجم عن الشهادة التي سيدلي بها.

   إن مسرح الجريمة هم المكان الأفضل للبحث عن الشهود كما يمكن معرفتهم بواسطة المخبرين و المجني عليهم و أقاربهم و جيرانهم، و جميع من لهم علاقة قريبة أو بعيدة بالجرم و يمكن أحيانا البحث عنهم أثناء عمليات التفتيش بحثا عن الأدلة المضبوطة، كما هو الحال بالنسبة لمعرفة الشخص الذي باع السلاح لمجرم أو الشخص الذي اشترى المواد المسروقة من السارق.

               قد لا توفر أحيانا معاينة مسرح الجريمة و الأدلة المادية اللازمة لاثباته كما قد تأتي هذه الأدلة  أحيانا أخرى غير كافية لذلك مما يضطر المحقق إلى اللجوء إلى استماع شهادات الشهود أو اعتراف الجاني و بالإضافة إلى ذلك قد تتبع هذه الإفادات العثور على أدلة مادية لاثبات الجرم، كما قد تساعد غالبا على توضيح هذه الأدلة و دعمها.

يبدو مما تقدم أن التصريحات قد تأتي متممة للأدلة المادية و أن هناك نوع من التكامل بينهما من شأنه أن يساعد المحقق على اكتشاف الحقيقة.

ان استماع التصريحات لا يقتصر  على شهادات الشهود بل يتعداها إلى شهادة المجني عليه و إلى سماع أقوال المشتبه به الذي قد يؤدي إلى الإقرار أو الاعتراف بارتكاب الجريمة أو نفي ذلك.

فالشهادة هي الدليل الغالب في المواد الجزائية حيث تصب على الوقائع المادية تحدث فجأة ولا يتسير عادة اثباتها و تحتاج إلى من أدركها بنفسه و لذلك قيل أن الشهودهم عيون المحكمة و أذانها، و الشهادة رواية شخص لما شاهده و أسمعه أو أدركه بحاسة من حواسه و تكون إجراءات التحقيق متى تمت بالشكل القانوني أمام المحقق.

الشهادة أو الشاهد هو الشخص الذي كان حاضرا وقت ارتكاب الجريمة أو من لديه معلومات أو إيضاحات تتعلق بهذه الجريمة و الشهادة كما حددها أحد الفقهاء و هي تقرير المرء لما يعلمه شخصيا إما لأنه رآه أو لأنه سمعه.


بالرغم من اعتبار الشهادة وسيلة إثبات هامة في الدعوى الجزائية فإنها في الوقت نفسه تعتبر وسيلة ضعيفة وخطيرة، إذ أنها ترتكز من جهة على مشاعر الحواس و ذاكرة الشهود و هي عرضة للزلل و من جهة أخرى ترتكز على قرينة مشكوك فيها من الصدق و الإخلاص لذلك لا ينبغي الأخذ بها بالصورة المطلقة، لأن التجارب  و العلم أثبتا أن الذاكرة معرضة للنسيان، و أن النفس البشرية عرضة للأهواء و الغابات و أن النظر قد يخطئ و كذلك السمع و هذا ما يدعو المحقق للتدقيق في دوافع الشهادة و المؤثرات المحيطة بها تمهيدا لاكتشاف مدى صدقها و مطابقتها للحقيقة.

     استماع الشهــــود :

إن توضيح عملية استماع الشهود يقتضي البحث في مواضيع متعددة تتعلق بزمان و مكان استماع الشهادة و سلوك المحقق مع الشاهد السياق التقني الواجب اتباعه من قبل المحقق في عملية استماع الإفادة.

        أما بالنسبة للمكان فيمكن استماع الشهادة في مسرح الجريمة ، أو في مراكز الشرطة أو في منازل الشهود، أو في عبارات الأطباء و المستشفيات و لكن مسرح الجريمة يبقى المكان الأفضل لذلك، لأن معظم الأفعال التي أدت إلى ارتكاب الجرم قد تمت فيه، كما تجد فيه أدلة المادية المثبتة للجرم، الأمر الذي يتيح للمحقق أن يناقش المشاهد حول التناقضات التي ترد في شهادته، غير أن استماع الشهادات في مسرح الجريمة قد يشكل أحيانا خطرا على الشهود أو يسبب إخلالا بالأمن، فيضطر المحقق حتما إلى استماع الشهادة في مكتبه أو في جميع الحالات يستحسن أن تكون غرفة التحقيق في مكان هادئ بعيدا عن الأنظار و أن يكون لها مدخل و مخرج، أن يكون أثاثها  بسيط كي لا يكثر الشاهد من الالتفات على ما حوله فيشرد ذهنه و كذلك يجب قطع الاتصال بين المحقق و بين العالم الخارجي، إذ أن أي مكالمة هاتفية ترده أثناء التحقيق قد تؤدي إلى قطع التسلسل أفكاره و تتيح للشاهد الفرصة للتفكير قبل الإدلاء  بمعلوماته.

                             المعـاينـة

 


      يجب سماع الشهود كل على انفراد، كما يجب فصلهم بعضهم عن بعض و منع الاتصال فيما بينهم من جهة، و فيما بينهم و بين المجني عليه و المشتبه به من جهة ثانية.

 إثبات الشهادات:

 يثبت المحقق الشهادة بموجب محضر ينظمه مع كاتبه و يدون فيه أقوال الشاهد كما ذكرها دون تحريف أو حذف أو زيادة و يحدث غالبا أن يدلي الشاهد بأقواله بالغة العامية المحكية فيحولها المحقق إلى اللغة العضمى، فيجب عليه في هذه الحالة أن يحافظ على المعنى الذي قصده الشاهد، و إذا تعذر ذلك بسبب المدلول الخاص الذي تعنيه كلمة معينة، فيجب عليه تدوينها كما وردت على لسان الشاهد يجب على المحقق أن يصيغ محضر اثبات الشهادة بوضوح و بإنشاء يتناسب مع شخصية الشاهد و يمثل مستواه الثقافي و إدراكه العقلي و ليس مستوى المحقق.

بعد انتهاء الشاهد من الإدلاء بمعلوماته ، يتلو المحقق عليه المحضر و يطلب إليه تصديقة و توقيعه فإذا طلب زيادة بعض المعلومات أو توضيحها أو اعتراض على عدم تأدية عبارة ما  للمعنى المقصود منها، فيتيح له المحقق الإدلاء بما لديه من معلومات إضافية أو تفسيرية و يدونها في المحضر ثم يوقع المحضر مع الكاتب و الشاهد .

 استماع المجني عليه:

 كثيرا ما تسمع إفادات المجني عليه في بد التحقيق، لأنهم يقدمون للمحقق المعلومات الدقيقة عن الحادثة و يساعدونه على اكتشاف الأدلة و الشهود، و ينبغي على المحقق فور علمه بوقوع الجرم، و يتخذ بسرعة الإجراءات الكفيلة باكتشاف الحقيقة، ثم يعتمد ف
ي مجال استماع إفادة المجني عليه كافة الإجراءات التي أشرنا إليها في الفقرة المتعلقة بالسياق التقني  الواجب اتباعه لدى استماع شهود) مضيفا إليها بعض الأسئلة التوضيحية من شأنها جلاء النقاط التالية:

                             المعـاينـة

 


       التطورات التي سبقت أو رافقت أو لحقت وقوع الجرم.

       أسباب الجرم.

       تسمية الجاني إذا كان بوسعه أن يسميه.

       الأضرار الناتجة عن الجرم ملاحظاته و استنتاجاته الشخصية .

        علاقته بالجاني و الشهود .

و يجب أن لا يغفل عن ذهن المحقق أن المجني عليه قد يهمل عن غير قصد الإدلاء ببعض التفاصيل  المتعلقة بالجرم، كما قد يكتم عن قصد بعض التفاصيل الأخرى، فيجب عليه استيضاحه عن كافة هذه التفاصيل، كي لا تأتي معلوماته مضللة للتحقيق و مشوهة له .

استجواب المشبه به 

         الاستجواب هو إجراء من إجراءات التحقيق، يقتضي باستيضاح الشبه به عن المتهمة الموجهة إليه، و مناقشته لها تمهيدا لبيان ظروفها و أسبابها و نتائجها، و يهدد إلى تحقيق غابتين أساسيتين: فهو من جهة وسيلة من وسائل التحقيق، يربي إلى اكتشاف الحقيقة، و هو من جهة ثانية وسيلة من وسائل الدفاع، نتيج للمشبه به الفرصة لنفي التهمة عن نفسه، أو لتحقيق المسؤولية أو لغير ذلك من الأمور التي يعتبرها المشبه به ملائمة لمصلحته.

إن أهم الصعوبات التي تعترض المحقق أثناء الاستجواب، تنجم عن الغموض الذي يكشف التحقيق بسبب ضعف الأدلة و انعدامها، و نتيجة لذلك، قد يسفر الاستجواب في أغلب الأحيان عن مزيج متغير النسبة من الكتمان و الإنكار، الذين يمكن اعتبارها وسيلة دفاع يعتمدها ستبقى محنّك، كما يمكن أن يصدر عن بريء مذعور، ألصقت به تهمة لا علم لديها.

                             المعـاينـة

 


       نستنتج من ذلك أن على المحقق أن يواجه في بادئ المر عدة احتمالات هي :

       براءة المشبه به بالنسب إليه.

       علم المشبه به بالجرم دون أن يساهم بارتكابه مطلقا .

       تورط المشبه به في ارتكاب الجريمة كفاعل أو شريك او متدخل أو محر ض.

   و يمثل الاستجواب في الاحتمال الخير صراعا بين ارادتين، الأولى و هي إرادة المحقق الذي يسعى قضائيا و نفسيا لاكتشاف الحقيقة و إثباتها بواسطة اعتراف المشبه به، و الثانية و هي إرادة الشبه به الذي يعمل جاهدا بكافة الوسائل المتوفرة لديه لدفع الشبهة عنه، و الخروج من المأزق الذي يهدده و يعرضه للعقاب.

   إن صعوبة هذا الصراع تفرض على أن يعد العدة لمجاهلة المشبه به، فاختيار الوقت المناسب لجراء الاستجواب هو امر هام جدا، إنه يجب على المحقق أن لا يبدا به قبل أن تتوافر لديه كافة المعلومات المتعلقة بالجريمة و الأشخاص الذين لهم به علاقة يندرسها و يكش
ف نقاط الضغف و القوة فيها، ثم يعمد إلى استثمارها سعيا وراء اتشاف الحقيقة دون تجاوز للقواعد القانونية و الأخلاقية.



رجـــــــــــاء : رجاءا من كل الإخوة والأخوات الكرام الذين استفادو من هذه المعلومات وبقليل من الجهد ترك تعليق أو مشاركة الموضوع عبر احدى الأزرار الثلاثة twitter أو facebook أو +google ولكم جزيل الشكر

الاستاد عبد اللطيف استاذ علوم طبيعية والحياة يدرس في ثانوية مصطفى الاشرف بباب الزوار بالجزائر العاصمة

الاستاد عبد اللطيف قد قام/(ة) بكتابة 24,164 درس
    نرجو التسجيل في منتدى سؤال و جواب

    Comments are closed.