الأساس القانوني لإباحة استئصال الأعضاء من الجثة

مواضيع عامة

الأساس القانوني لإباحة استئصال الأعضاء من الجثة

المطلب الثاني  : الأساس القانوني لإباحة استئصال الأعضاء من الجثة 

 لقد تناولت المادة 164 من قانون حماية الصحة وترقيتها الأساس القانوني لإباحة استئصال الأعضاء من الجثة بقولها  لا يجوز انتزاع الأنسجة والأعضاء من الأشخاص المتوفين قصد زرعها إلا بعد الإثبات الطبي والشرعي للوفاة من قبل اللجنة الطبية المنصوص عليها في المادة 167 من هذا القانون ، وحسب المقاييس العلمية التي يحددها الوزير المكلف بالصحة . وفي هذه الحالة يجوز الانتزاع إذا عبر المتوفى أثناء حياته على قبوله لذلك .

وإذا لم يعبر المتوفى أثناء حياته على قبوله للأمر لا يجوز الانتزاع إلا بعد موافقته أحد أعضاء الأسرة حسب الترتيب الأولي : الأب أو الأم ، الزوج أو الزوجة ، الإبن أو البنت ، الأخ أو الأخت ، أو الولي الشرعي إذ لم تكن للمتوفي أسرة .

غير أنه يجوز إنتزاع القرنية والكلية بدون الموافقة المشار اليها في الفقرة أعلاه ، إذا تعذر الإتصال في الوقت المناسب بأسرة المتوفي أو ممثليه الشرعيين أو كان التاخير في أجل الإنتزاع يؤدي إلى عدم صلاحية العضو موضوع الإنتزاع .

إذا إقتضت الحالة الإستعجالية للمستفيد من العضو ، التي تعاينها اللجنة الطبية المنصوص عليها في المادة 167 من هذا القانون .

يتضح من هذه المادة أنها أجازت صراحة إستئصال الأعضاء من الجثة ، قصد زرعها لأشخاص أحياء ، ولكن ما يجب ملاحظته هو أن الإستئصال من الجثة لا يصلح الا اذا حصلت موافقة الشخص المتوفي اثناء حياته  اما بعد وفاته فينتقل هذا الحق لأسرته حيث يلزم موافقة افراد الاسرة حسب الترتيب الأولوي الوارد في نص المادة اعلاه والمستند أساسا إلى طبيعة الروابط بين أفراد الاسرة الواحدة 

وترتيبها واولويتها والذي راعى فيها المشرع الجزائري قاعدة الاقرب فالاقرب .

إن مسألة إثبات الوفاة من الناحية الشرعية والطبية هي ضرورية حيث أن الانتزاع من الجثة في غالب الاحيان يتناول الاعضاء المنفردة التي تتوقف عليها حياة الانسان كالقلب مثلا ، وهذا عكس اتلنقل من الاحياء الذي يقتصر على الاعضاء المزدوجة ومن ثمة راعى المشرع الجزائري هذه المسالة فأوجب التأكد من تحقق لحظة الوفاة وذلك لأن التطور التقني في مجال العلوم الطبية ، اوضح ان تحديد الوفاة ليس مشكلا يتعلق فقط بجواز عملية زرع الاعضاء بل يتمثل ايضا في مشكل آخر هو الرضاء ، او بالأحرى قبول هذا الاقحام للجثة .

ولهذا قررت الجمعية الطبية العالمية في اجتماعها الثاني والعشرون الذي عقد بسيدني عام 1968 : ان تحديد لحظة الوفاة يسمح من الناحية الاخلاقية بايقاف اجهزة الانعاش الصناعي ، ويسمح أيضا باستئصال أعضاء من الجثة لزرعها في جسم مريض ما زال على قيد الحياة ….. ومن ثمة كان لا بد من تحديد لحظة الوفاة.

كما يلاحظ أيضا على نص نفس المادة اعلاه انه قد جرى تعديلها بموجب القانون رقم 90/17 المعدل لقانون حماية الصحة وترقيتها حيث استحدث المشرع فقرة جديدة تتعلق بنقل القرنية والكلية . ومفاد هذه الاظافة الجديدة هو جواز انتزاع القرنية والكلية بدون الموافقة المشار اليها  اعلاه والمتمثلة في موافقة الشخص المتوفي اثناء حياته ،او موافقة اسرته من بعده حسب الترتيب الأولي ، وذلك في حالة ما اذا لم 

يكن بالإمكان الإتصال بأسرة المتوفي في الوقت المناسب وكان من شأن هذا التاخير ان يرتب اضرارا جسيمة كعدم صلاحية العضو موضوع الانتزاع .

وبهذه الموافقة على الاستئصال من جثة المتوفي ، يكون المشرع الجزائري قد ساير الاتجاهات التشريعية الحديثثة وقد ذهبت بعض هذه التشريعات الى القول بان كل انسان هو مبدئيا واهب لأعضائه بعد وفاته . والمبرر عند اصحاب هذه الاتجاهات هو اسعاف المرضى الذين تتوقف استعادتهم لصحتهم على زرع عضو من الاعضاء لهم هم في حاجة اليه ، او تلقيحهم بانسجة بدلا من انسجتهم المنعدمة كما هو الحال في حالة الحروق مثلا .

كما أن تقدم العلوم الطبية يعتمد الى حد بعيد على الفحوص والتجارب التي تجري على الاعضاء وزرعها ، ودراسة اوضاعها وهذا ما يبرر إستئصالها لتحقيق تلك الاهداف
العلمية ، وفي سبيل تأكيد إحترام حياة الانسان حيا او ميتا لجأ المشرع الجزائري الى تعديل المادة 168 من قانون حماية الصحة وترقيتها بموجب القانون رقم 90/17 المعدل له أستحدث بموجب هذا التعديل فقرات جديدة خصص الفقرة الاولى الى انشاء مجلس وطني لأخلاقيات العلوم الطبية يكلف بتوجيه وتقديم الاراء والتوصيات حول عمليات انتزاع الانسجة والاعضاء وزرعها والتجريب والهدف من وراء كل ذلك هو اولا واخيرا الحفاظ على ارواح الناس والحفاظ على سلامتهم البدنية .

بالإضافة إلى القانون الجزائري هناك العديد من القوانين المقارنة التي تسمح باستئصال الاعضاء من جثث الموتى .

ومن هذه القوانين على سبيل المثال لا الحصر القانون اللبناني الذي اجاز في المادة 02 من المرسوم الاشتراعي الاستئصال من الجثة وذلك بقولها يمكن اخذ الانسجة والاعضاء البشرية من جسد شخص ميت في مستشفى او مركز طبي لمعالجة مرض او جروح شخص آخر أو لغاية علمية وذلك عند توفر احد الشروط التالية:

أولا : ان يكون المتوفي قد اوصى بذلك بموجب وصية منظمة حسب الأصول او باي وثيقة خطية ثابتة .

ثانيا: ان تكون عائلة المتوفي قد وافقت على ذلك وتتم الموافقة باسم العائلة حسب الأولويات .

أما القانون التونسي لعام 1991 فقد اجاز المساس بالجثة حيث نص في الفصل الرابع على انه يجوز اخذ عضو من جثة شخص ميت لغاية علاجية او علمية ما لم تحصل ممانعة من الهالك اثناء حياته .

أما القانون المصري رقم 103/62 الصادر في 16 ايلول 1962 فقد اجاز المساس بالجثة بغرض الاستئصال وذلك من اجل عمليات الترقيع لما في ذلك من مصلحة انسانية مؤكدة .

أما القانون الفرنسي فقد اجاز المساس بالجثة حيث قرر في المادة 02 من القانون رقم 9181 لسنة 1976 نقل الأعضاء من جثث الموتى وزرعها للأحياء .

 اما القانون المغربي الصادر عام 1999  فقد نص في الفصل الثالث على اخذ الاعضاء من الاموات في بعض المستشفيات العمومية فقد نصت المادة 16 منه على انه يمكن اجراء عمليات اخذ الاعضاء لأغراض علاجية او علمية من اشخاص متوفين لم يعبروا وهم على قيد الحياة عن رفضهم الخضوع لعمليات من هذا النوع .

ونص في المادة 13 من الفصل الثاني على انه يجوز لكل شخص راشد يتمتع بكامل اهليته  ان يعبر وهو على قيد الحياة وفق الاشكال والشروط المنصوص عليها في هذا الفصل الثاني عن ارادته بترخيص او منع اخذ اعضائه او اعضاء معينة منه بعد مماته.                  

  

           



رجـــــــــــاء : رجاءا من كل الإخوة والأخوات الكرام الذين استفادو من هذه المعلومات وبقليل من الجهد ترك تعليق أو مشاركة الموضوع عبر احدى الأزرار الثلاثة twitter أو facebook أو +google ولكم جزيل الشكر

الاستاد عبد اللطيف استاذ علوم طبيعية والحياة يدرس في ثانوية مصطفى الاشرف بباب الزوار بالجزائر العاصمة

الاستاد عبد اللطيف قد قام/(ة) بكتابة 24,164 درس
    نرجو التسجيل في منتدى سؤال و جواب

    Comments are closed.